بعض المغاربة أضحوا يستهلكون لحم الخنزير باعتباره «موضة» غذائية مترفة مقتصرة على فئة ميسورة من المجتمع، في حين أن مشتقات لحمه أصبحت متداولة بكل أنواعها وأصنافها العالمية في كل الأسواق الممتازة بكافة ربوع المملكة.
وغير خافية على العين بأجنحة خاصة بالأسواق الممتازة كميات مهمة ومتنوعة من أغلى وأشهر «ماركات» لحم الخنزير، فيما تتفاوت أثمنته ما بين 20 و40 درهما لمائة غرام منه, كما يعرف هذا النوع من اللحم إقبالا مغربيا عليه أكثر من إقبال الأوربيين، بشهادة بائعيه.
والمغرب أحد البلدان القليلة في العالم التي لا تطبق سياسة منظمة لقطاع تربية الخنزير الذي يبقى غير خاضع في المملكة لنصوص مرتبطة بتربيته وإنتاج لحومه وتسويقها, في وقت انخفضت فيه، خلال السنوات العشر الأخيرة، الرسوم الجمركية على استيراد لحم الخنزير ومشتقاته من الدول الأوربية.
وحسب ذات المعطيات، فقد عرفت سنة 2006 ارتفاعا مثيرا في نسبة لحوم الخنزير التي دخلت المغرب عبر بوابة الاستيراد، حيث سجلت هذه النسبة ارتفاعا فاق 3 آلاف في المائة بالمقارنة مع ما كان يتم استيراده من قبل، حيث قارب حجم ما تم إدخاله الى المغرب 215 طنا, في مقابل 7 أطنان فقط خلال سنة 2005.
وتفيد معطيات ذات صلة بأن بلادنا كانت تتوفر، إلى حدود سنة 2000، على ما يقارب 20 مزرعة لتربية الخنزير, قبل أن يصبح العدد لا يتجاوز حاليا 6 وحدات، إثنتان بالدار البيضاء وأربع بأكادير.
ويقدر عدد رؤوس الخنازير التي تربى في المغرب بما لا يتجاوز خمسة آلاف رأس، وهي سلالة موروثة عن فترة الحماية الفرنسية, في وقت يُرجع فيه المهنيون سبب اندحار هذا القطاع إلى ارتفاع نسبة لحوم الخنزير ومشتقاته من عمليات الاستيراد، خاصة أمام ارتفاع الطلب عليها في الأسواق المغربية الممتازة ولدى المنشآت السياحية الوطنية.
هذا، ويُباع لحم الخنزير المغربي بحوالي 36 درهما للكيلوغرام في سوق الجملة الوطنية، كما أن مذابح الدار البيضاء وأكادير تتوفر على أجنحة خاصة بعمليات الذبح التي يتكفل بها جزارون مغاربة، فيما يتراوح عدد رؤوس الخنازير المذبوحة بمجزرة الدار البيضاء لوحدها ما بين 10 و15 رأسا أسبوعيا, ويرتفع هذا الرقم إلى قرابة 200 رأس شهريا بمذابح أكادير، مما يجعل نسبة إنتاج لحوم الخنزير بالمغرب تقارب رقم 300 طن في السنة.
ويعود تدفق لحم الخنزير المستورد على الأسواق المغربية إلى أزمة الإنتاج الأوربي الذي فاق الطلب الداخلي، وهو الأمر الذي تنكب عليه منذ مدة قليلة لجنة خاصة من الاتحاد الأوربي وضعت، قبل ظهور أنفلوانزا الخنازير، خطة لتشجيع وتسهيل تصدير لحم الخنزير وتسويقه خارج التراب الأوربي، كشكل من أشكال الدعم ووسيلة لإنقاذ قطاع تربية الخنزير من الإفلاس.
يذكر أن فرنسا والدانمارك وهولندا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية هي الدول الرائدة في سباق التصدير العالمي للحوم الخنزير، فيما تبقى اليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك من أهم الدول المستوردة للخنازير، في وقت تقارب فيه المبادلات التجارية الدولية المرتبطة بلحم الخنزير 15 مليون طن.